أثر العوامل النفسية في مشكلات الحيض عند النساء
الحيض هو خروج الدم من رحم الأنثى من البلوغ حتى سن اليأس، كل أربعة أسابيع تقريباً، والدورة الشهرية هي انتظام الحيض لمدة متوسّطها أربعة أيام، ونضوج البويضة وخروجها من المبيض في نحو منتصف الشهر، فإذا حدث الإخصاب لم ينزل الحيض في موعده وكان ذلك من علامات الحمل.
ونزول الحيض لأول مرة هو أهم وأخطر ما تذكره الفتاة أو المرأة من مجريات المراهقة، ويعني عندها نضوجها جنسياً، وله مردوده النفسي عليها، حتى أنه يمكن القول أن للحيض سيكولوجية كسيكولوجية المراهقة أو البلوغ، باعتبار الحيض حادثاً محوريا في حياة الفتاة يفرّق بين طفولتها ونضجها كأنثى، وبه تترابط العوامل البيولوجية والنفسية المؤثرة في حياتها.
إن غالبية الفتيات يذكرن أنه قبل الحيض قد تنبت شعرات العانة، ومع ظهور شعر العانة يكبر الثديان، ويبدأ ذلك عند معظم البنات في سنّ العاشرة أو الحادية عشرة، وقد يتأخر الحيض حتى الثامنة عشرة تقريباً، وهناك فترة زمنية تمضي بين ظهور شعر العانة ونمو الثديين، وبين نزول الحيض لأول مرة قد تبلغ في المتوسط ثمانية شهور.
حقيقة، هناك فترة توقع الطمث، وهذا التوقع وإن لم تفكر فيه البنت وهي طفلة فإنه موجود في خاطرها، ويبدأ هذا الوجود النفسي معها ومع وعيها بما تعانيه أمها شهريا من آلام تتكرّر على فترات منتظمة، وما تعرفه من بعض أسرار هذا الحيض الذي يزور أمها شهرياً، وتلمّ بما يصيبها منه من تكدّر وانزعاج، وما يخرج منها من دم أو يكون له من رائحة. فنزول الدم لأول مرة يكون بالنسبة لبعض البنات صدمة نفسية، تتلقّاها البنت بحسب عمرها الزمني وتكوينها النفسي والوسط الاجتماعي الذي تعيش فيه.
وهناك عوامل نفسية ترتبط بقبول أو رفض الحيض بعد أن تعيشه الفتاة لأول مرة، فقد يحدث لمدة ثم ينقطع عنها لسنة أو سنتين بالرغم من عدم وجود أسباب عضوية لامتناع العادة الشهرية.
وقد يأتي الحيض لمرة واحدة ثم ينقطع بدافع الصراعات الداخلية، وتظلّ البنت لفترة طويلة قد تطول أو تقصر دون أن تحيض، وبعدها يأتيها الحيض في شكل نزيف، حيث ترى نفسها تدمي من هذا الموضع الحساس من جسمها، فتستجيب له بالقلق والاكتئاب.
في حالات نادرة، لا يأتي الحيض بعد بلوغ الفتاة سن الثامنة عشرة، وهذا ما نسمّيه انحباس الطمث الأوّليّ الذي ترجع أسبابه إلى شذوذ في تكوين كروموسومات الفتاة، أو يُظهر الكشف أنّ بها شذوذاً في المبايض أو انسداداً في غشاء البكارة
وقد ينحبس الحيض عند تعرّض الأنثى للأزمات النفسية الشديدة، خاصة عندما تعيش الفتاة أو المرأة أحوالاً مضطربة، وقد ينزف رحم المرأة في الأزمات النفسية لما تسبّبه هذه الأزمات من اضطراب في الميزان الهرمونيّ للأنثى.
أما عسر الطمث، فهو حالة أخرى من اضطرابات الحيض تعاني منها بعض النساء، أما بسبب أمراض في الحوض أو على الأغلب بسبب اضطرابات نفسية، كما هي الحال عند العصبيّات، وتزيد أوجاع الحيض بين العصبيّات، وتكون عادية بين المكتئبات، وقد تشعر بعض النساء بألم في منتصف الدورة الشهرية يرتبط بالإباضة، ويسمّى ألم ما بين الحيضين.
ويلاحَظ أنّ المرأة تكون قبل مجيء الحيض غير طبيعية، فبعض النسوة يتصرّفن تصرّفات غير سليمة، ويسوء العمل اليدوي أو الفكريّ الذي يقمن به، والسبب في ذلك عائد إلى التقلبات في مستويات الهرمونات أثناء الدورة الحيضية. لذلك لا بدّ أن تنتج تغيّرات عاطفية، وهذا ما يحدث بالفعل اذ تتأثر شخصية الأنثى بتقلّبات في مستويات الهرمونات. وشدة هذه التقلبات، يمكن أن تخفّ بتأثير اتجاهات الناس الثقافية نحو عملية الحيض وأيضا بفعل مزاج المرأة وميولها وتجاربها السابقة. أي أنّ التغيرات العاطفية التي تحدث للمرأة أثناء الدورة الشهرية هي حقائق موضوعية متعلّقة بمستويات الهرمونات المتغيرة في الدم
وأشهر هذه التقلبات العاطفية التي تواجهها المرأة هي حالة «التوتر السابق للحيض»، التي تشعر بها قبل بدء الحيض ببضعة أيام وحتى نهاية اليوم الأول أو الثاني منه. والتوتر السابق للحيض هو عبارة عن أعراض متراكبة من الصداع والاكتئاب والقلق والحساسية الزائدة للإهانات الشخصية
ويكون سلوك المرأة مختلفاً تماماً في فترة الإباضة عما هو قبل بدء الحيض، بسبب كون إفراز هرموني الإستروجين والبروجسترون عالياً. لذا تشعر معظم الإناث في هذه الفترة من الدورة الحيضية بنشاط زائد يتخلّله إحساس بالسعادة والحبور